بمناسبة عيد الاستقلال الثالث و
الخمسين مارس 2009
إذا ما سعى الشّرُّ في أرضنا *** ركبنا الجهاد
لدحر المحنْ
فقرطاج سل إن أردت الجواب*** بأطلالها سوف تلقى السّكنْ
و روما الأتت بعد لأي إليها*** و مطمورة صيّرتها و دنْ
و وندال أفواجهم حين جاءت*** لقهر البرايا و نشر الإحنْ
و يثرب إذ ثار إسلامها*** و بالله أكبر سُرَّ الزّمنْ
بنو أغلب قطفوا زهرة*** بإيطاليا أمّنوا منْ فُتنْ
بنو فاطم تركوا أرْضها*** لصنهاجة حيثُ عابوا السّننْ
هلال و زغبة قد خرّبوها*** و لكنّهم عرّبوا منّ قطنْْ
و نرمانُ حلّوا لضعف بها *** فساسوا البلاد و عمّ الوهنْ
و سادت بنو حفص من بعدما*** وحّدت صفّها بعد طرد النُمنْ
و إسبان حلّوا بأطماعهم*** فلم يجدوا غير قرع لسنْ
و من بعدهم لبس التّرك أسيافهم*** و جاؤوا إليها بحرب السّفُنْ
و بالحضن لاقوا الذين بأندلس*** طُردوا مثل طرد الأفنْ
فهذا مراد و ذاك حسين *** و ذلك باي بها قدْ دُفِنْ
و جاء الفرنسيس عاثوا صلاحا*** و قد عشِقُوا الخيرَ خير الوطنْ
و تونس أرض جميعا أتوها*** و منها يُريدون نيل المِننْ
أتوا كلّهم فلقوا حتفهم*** مضوا كلّهم في رِكابِ الوسن
مضى الكل في عشقهم ثمّ بادوا*** و من سُخْطِهم يستخفّ الزّمنْ
بأظفارهم حرثوا الأرض حرثا*** و سقيا سقوا بالدّما ذي الدّمن
لِيخضرّ من دمهم عشبها*** و يبقى لنا الدّهرَ هذا الوطن
و لكنّهم غاب عنهم جميعا*** بأنّهُم عُشقُوا بالفتنْ
لقد أخطأ الوافدون قديما *** فساسوا البلاد بسوط الكفن
فماتوا و بادوا و ما عاد منهم*** سوى ذكريات الزّمان العفِنْ
و من دمهم ألبسوك ثيابا*** و قد أّلِفُوا قلب ظهر المِجَنْ
و قالوا نحبّك تونس حبّا*** و صاغوا لك القولَ ثوبا حسنْ
وقطّوا و قدّوا و شقّوا و هدّوا*** و مدّوا إليك بحبل الرّسن
و ما أحد منهم قد درى*** بأنّ العشيق هم لا الوطن
أ تونس ما أحد منهم*** خبر العشق عشق عدنْ
وما أحد يعرف العشق مثلي*** فعشقهُمُ اليوم أمسى أَسِنْ
لقد أخطأ الأقدمون جميعا*** فلفّوا البلاد بلون الدَّرَنْ
سعى الكلّ في خصبها و ارتوى*** فجفّت ضروع و ساد الشّجن
و لكنّها أبد الدّهر تهدي*** و ما جفّت الضّرع ضرْع اللّبن
إذا سأل الأجهلون جميعا*** لماذا البياض بقلبي سكنْ؟
أجيب البياض نقاء بقلبي*** و حول البياض دمي مرتهنْ
و عشقي يردّده البحر ذكرا *** و شمّ الجبال بصوت أغَن
و عصف الرّياح و قصف الرّعود ***وعزف اللحون دَ دنْ دنْ دَ دنْ
لأن الزمان إذا ما أحبّ*** كسا العاشقين ثياب الحزنْ
فتونس إن هي ضمّت حبيبا *** يوارى سريعا تراب الوطن
فتونس أرضي و أرض الجدود*** و قد ذاب فيها الهيام الحَرِنْ
و تونس تعشقني اليوم عشقا ***و فيَّ تذُوبُ إليَّ تحنْ
فعشقي لتونس صرف قَراحٌ *** و كم مات ذوبا عشيق فطِن
تقول أشكُّ, أظنّ ,لعلّ *** فمنْ أنْتَ حتّى تّسيء الظِّننْْ
و عشقك تونس قول و ظنٌّ *** و عشقي لها صوت حرٍّ لسنْ
ألا تسمع الصّوت غنّى و دوّى *** حبيبي حبيبي إليك أحنْ
ألا تسمع الصّوت منّي يجيبُ *** حنانيك فجري لمجدكِ حنْ
بلادي خُذيني بعينك نورا*** و لا تسْأليني بربّ الشّجنْ
لماذا أنا اليوم أسعى حزينا*** و خطوي ثقيل و قلبي يئنْ
بلادي فدتك نفوس كبار*** فماذا يروم صغار الزّمنْ
ثقي يا بلادي بأنّي سأسعى*** لقطف النّجوم و دفع الفتنْ
فللمال دوما زكاة عليه*** و هذي نفوسي ذكاة الوطن
أنادي رُفاتي فتنشد ذاتي *** نموت نموت و يحيا
الوطنْ
و تنصت ذاتي لصوت الحياة *** نعيش نعيش ليحيا الوطنْ
إذا الشّعب يوم أراد الحياة ا*** فلا بدّ أنْ يسْتجيب الزّمنْْ
محمد
الهادي الكعبوري.
منزل جميل مارس 2009
Partager
|