مسرحية
مدرسيّة بعنوان
الزّرقاء بنت عديّ
(معاوية بن أبي سفيان مع خواصّ أصحابه في مجلسه) |
معاوية |
( متوجها لجلسائه)
هل تذكرون مَوْقِعَة صِفِّين ؟ |
الجليس1 |
نعم! نذكرها جميعا. يا أمير المؤْمنين! |
معاوية |
و هل تذكرون من أثارها و زاد في اشتعال نارها ؟ |
الجليس2 |
امرأة من أهل مدينة الكوفة تسمّى الزّرقاء بنت عُديٍّ ، يا أمير
المؤمنين! |
الجليس3 |
إنّ هذه المجرمة ؛يا مولاي،كانت تتعمّد الوقوف بين أصحاب
عدوّنا عليّ بن أبي طالب. تسمعهم كلاما كالصّوارم مستحثة لهم
مؤلّبة علينا بقول لو سمعه الجبان لقاتل ،و المدبر لأقبل، و
المسالم لحارب ،و الكارّ لفرّ ،و المتزلْزل لاستقرّ. |
معاوية |
أيّكم يحفظ كلامها؟ |
الجلساء |
معا:كلّنا
نحفظه يا أمير المؤمنين! |
معاوية |
فما تشيرون عليّ فيها ؟ |
الجلساء |
معا: نشير بقتلها . |
الجليس 1 |
اقتلها يا أمير المؤمنين
،فإنّها أهل لذلك . |
معاوية |
(غاضبا): بئس ما أشرتم به، و
قبحا لما قلتم ؛ أيحسن أن يشتهر عنّي أنّني بعدما ظفرت و قدرت ،
قتلت امرأة قد وفت لصاحبها ؟ إنّي إذن للئيم. لا ، و الله. لا فعلت
ذلك أبدا. اغرُبوا عن وجهي ، بئس الجلساء أنتم ! |
( يخرج الجلساء مسرعين يتخبَّطون في جبابهم و برانيسهم) |
الحاجب |
(يدخل مسرعا):مولاي! |
معاوية |
:ماذا وراءك ياحاجب؟ |
الحاجب |
: لقد وصلت الزّرقاء بنت عديّ مع نفر من عشيرتها و فرسان من قومها
،مكرّمين مبجّلين... |
معاوية |
: أدخلها بسرعة . |
الحاجب |
( ينحني وهو يخرج متقهقرا):حاضر
يا أمير المؤمنين! |
(يغيب الحاجب بينما يطرق معاوية مفكّرا) |
|
(ثمّ يدخل
الحاجب
ممسكا بيد الزّرقاء بلطف):تفضّلي
من هنا ...على رسلك...على رسلك...سيّدتي ! |
معاوية |
( ينهض مسرعا إليها): مرحبا
و أهلا . خيرَ مقدم قدِمه وافد.(يجلسها
بلطف ثم يعود إلى عرشه في عظمة) كيف حالك يا خالة؟ و
كيف رأيت سيرك؟ |
الزرقاء |
ربيبة بيت أو طفل ممهّدا ... |
معاوية |
بذلك أمناهم.هل تعلمين لم بعثت إليك؟ |
الزرقاء |
و أنّى لي بعلم ما لم أعلم؟ لا يعلم الغيب إلاّ الله سبحانه و
تعالى . |
معاوية |
ألست الرّاكبة الجمل الأحمر يوم صفّين؟ و أنتِ بين الصّفوف
توقدين نار الحرب . و تحرّضين على القتال ؟ |
الزّرقاء |
نعم . |
معاوية |
فما حملك على ذلك ؟ |
الزرقاء |
يا أمير المؤمنين، إنّه قد مات الرّأس ، و بُتِر الذَنَبُ و لن
يعود ما ذهب، و الدّهر ذو غير. و من تفكّر أبصر ، و الأمر يحدث
بعده الأمرُ.. |
معاوية |
صدقتِ
فهل تعرفين كلامك ، و تحفظين ما قلت ؟ |
الزرقاء
|
لا و الله ، و لقد أُنسيته . |
معاوية |
لله أبوكِ، فقد سمعتك تقولين : أيُّها النّاس ، ارعوُوا و ارجعُوا
، إنَّكم أصبحتم في فتنة. إنّ الحقّ كان يطلب ضالّته
فأصابها. فصبرا يا معشر المهاجرين و الأنصارِ على الغُصَصِ .
فإنّه لا يستوِي المحِقُّ و المّبطِلُ ، أ فَمَنْ كان مؤْمنًا
كمَنْ كان فاسقا ؟ لا يستوُون. فالنِّزَالَ النِّزَالَ ، و
الصّبْرَ الصَّبْرَ ، ألا إنَّ خِضاب النّساء الحنّاءُ و خضابَ
الرّجال الدِّماءُ . و الصّبْرُ خيرُ الأُمورِ عاقبةً ، ائتُوا
الحربَ غيرَ ناكصينَ فهذا يوم له ما بعده
.(يصمت برهة ثمّ يواصل بعنف) يا زرقاءُ أليْس هذا قولّكِ و
تحريضَكِ ؟ |
الزّرقاء
|
لقد كان ذلك . |
معاوية |
لقد شاركت عليًّا كلّ دمٍ سفَكه . |
الزّرقاء |
أحسن
الله بشارتك ، يا أمير المؤمنين ، و أدام سلامتكَ ، فمثلك منْ
بشَّر بخير و سرَّ جليسه . |
معاوية |
أ وَيسُرُّكِ ذلك ؟ |
الزّرقاء |
نعم . و الله لقد سرّني قولك، و أنّى لي بتصديق الفعل؟ |
معاوية
|
(يضحك)و الله لوفاؤكم لعليٍّ
بعد موته أعجب عندي من حبِّكُمْ له في حياته! اذكري حاجتك ! . |
الزّرقاء |
يا أمير المؤمنين ، إنّي آليْتُ على نفسي ألاّ أسألأ أحدًا
أعنتُ عليه أبدًا. |
معاوية |
قد أشار عليّ بعض من عرفك بقتلكِ .. |
الزّرقاء
|
لؤْمٌ من المُشير و لو أطعته لشاركْتَهُ . |
معاوية |
: كلاّ بل نعفو عنك ، و نحسن إليك و نرعاك.. |
الزّرقاء |
يا أمير المؤمنين هذا كرم منك و مثْلك من قدر فعفا و تجاوز عمّنْ
أساء و أعطى من غير مسألة . |
معاوية |
(يصفّق) : يا كاتب. |
الكاتب |
(يدخل مسرعا)لبّيك مولاي. |
معاوية |
اكتب أن اعطوها كسوة و دراهم و ضيعة من أخصب الضّياع.ثم اكتب
لوالي الكوفة أن يوصي بها و بعشيرتها. |
الكاتب |
حاضر مولاي أمير المؤمنين. |
الزّرقاء |
بارك الله فيك يا أمير المؤمنين.
(ستارة) |