مسرحيّة
مدرسيّة بعنوان
الحجّاج
بن يوسف الثّقفيّ و الغلام
مسرحية من مشهد
واحد
(الحجاج
جالس على منظرة له و عنده وجوه أهل العراق) |
الغلام |
(يدخل على الحجاج
دون اكتراث به و إنما صار ينظر إلى المنظرة و يلتفت يمينا و شمالا
ثم اندفع يقول)
"أدباش و رياش و ستائر و حرير...أتبنون بكلِّ رِيع آية
تعبثون و تتّخذون مصانع لعلّكم تخْلُدُون" |
الحجاج |
يا غلام
إنّي أرى لك عقلا و ذهنا. أ حفظت القرآن؟ |
الغلام |
أ و خفت عليه من
الضياع حتّى أحفظه و قد حفظه الله تعالى! |
الحجاج |
أفجمعت القرآن؟ |
الغلام |
أ و كان مفرّقا
حتّى أجمعه؟ |
الحجاج |
أ فأحكمت القرآن؟ |
الغلام |
أ ليس الله
أنزله محكما؟ |
الحجاج |
أ فاستظهرت
القرآن؟ |
الغلام |
معاذ الله أن
أجعل القرآن وراء ظهري. |
الحجاج |
(غاضبا)
ويلك..قاتلك الله...ماذا أقول؟ |
الغلام |
الويل لك و
لقومك.. قل :أَ وعيْت القرآن في صدرك؟ |
الحجاج |
فاقرأ شيئا. |
الغلام |
أعوذ بالله من
الشيطان الرّجيم بسم الله الرحمان الرحيم " إذا جاء نصر الله و
الفتح و رأيبت النّاس [ يخرجون من ]دين الله أفواجا..." |
الحجاج |
ويحك إنّهم
يدخلون.!! |
الغلام |
كانوا يدخلون
...أمّا اليوم فقد صاروا يخرجون. |
الحجاج |
و لِمَ؟ |
الغلام |
لسوء فعلك بهم. |
الحجاج |
ويلك يا
غلام... و هل تعرف من تخاطب؟ |
الغلام |
نعم.. شيطان بني
ثقِيف: الحجّاج بن يوسف. |
الحجاج |
ويلك من ربّاك؟ |
الغلام |
الذي زرعك. |
الحجاج |
فمن أمّك؟ |
الغلام |
التي ولدتني. |
الحجاج |
فأين ولدتك؟ |
الغلام |
في بعض الفلوات. |
الحجاج |
فأين نشأت؟ |
الغلام |
في بعض البراري. |
الحجاج |
أ مجنون أنت
فأعالجك؟ |
الغلام |
لو كنت مجنونا
لما وصلت إليك و وقفت بين يديك كأنّني ممّن يرجو فضلك أو يخاف
عقابك. |
الحجاج |
فما تقول في أمير
المؤمنين؟ |
الغلام |
رحم الله أبا
الحسن رضي الله تعالى عنه و أسكنه جنان خلده. |
الحجاج |
ليس هذا عنيت
...إنّما أعني عبد الملك بن مروان. |
الغلام |
على الفاسق
الفاجر لعنة الله. |
الحجاج |
ويحك بم استحقّ
اللعنةَ أمير المؤمنين؟ |
الغلام |
أخطأ خطيئة ملأت
ما بين السّماء و الأرض. |
الحجاج |
ما هي؟ |
الغلام |
استعماله إيّاك
على رعيّته تستبيح أموالهم و تستحلّ دماءهم. |
الحجاج |
(يلتفت إلى جلسائه) ما تشيرون في هذا الغلام؟ |
الحاضرون |
(تختلط أصواتهم)
اسفك دمه/اتله/ اقطع رأسه فقدخلع
الطّاعة و فارق الجماعة. |
الغلام |
يا حجّاج...
جلساء أخيك فرعون خير من جلسائك حيث قالوا لفرعون عن موسى
عليه السّلام و أخيه:"
أرحه و أخاه" و هؤلاء يأمرون بقتلي ... إذن و الله
تقوم عليك الحجّة بين يدي الله ملك الجبّارين و مذل المستكبرين. |
الحجاج |
هذّبْ ألفاظك
و قصّرْ لسانك فإنّي أخاف عليك بادرة الأمر، و قد أمرت لك
بأربعة آلاف درهم. |
الغلام |
لا حاجة لي به
...بيّض الله وجهك و أعلى كعبك. |
الحجاج |
( يلتفت إلى
جلسائه) هل علمتم ما أراد بقوله : بيّض الله وجهك و أعلى كعبك؟ |
الحاضرون |
الأمير أعلم. |
الحجاج |
أراد بقوله بيض
الله وجهك:العمى و البرص.و بقوله أعلى كعبك: التّعليق و الصّلب.
(ثمّ التفت إلى الغلام و قال له:" ما تقول فيما قلت؟" |
الغلام |
قاتلك
الله... ما أفهمك! |
الحجاج |
( يستشيط غضبا) اضربوا عنقه . |
الرّقّاشيّ |
أصلح الله الأمير . هبه لي . |
الحجاج |
هو لك... لا بارك
الله لك فيه. |
الغلام |
و الله لا أرى ... أيَّكما أحمق من صاحبه...الواهب أجَلا قد
حضر...أم المستوهب أجَلا لم يحضر؟!! |
الرّقّاشيّ |
استنقذتك من القتل و تكافئني بهذا الكلام؟ |
الغلام |
هنيئا لي
الشّهادة إن أدركتني السّعادة ... و الله إنّ القتل
في سبيل الله أحبّ إليّ من أن أرجع إلى أهلي صفر اليدين . |
الحجاج |
يا غلام قد
أمرنا لك بجائزة 100 ألف درهم . و عفون عنك لحداثة سنّك و صفاء
ذهنك و حسن توكّلك على الله/ و إيّاك و الجرْأةَ على أرباب الأمر
فتقع مع من لا يعفو عنك. |
الغلام |
العفو بيد
الله لا بيدك . و الشّكر له لا لك...و لا جمع الله بيني و
بينك .( و همّ بالخروج فابتدره الغلمان) |
الحجاج |
دعوه ، فو الله
ما رأيت أشجع منه قلبا ، و لا أفصح لسانا ، و لعمري ما وجدت مثله
قَطُّ... و عساه لا يجد مثلي فإن عاش هذا الغلام ليكوننّ
أعجوبة عصره. |
ستار النّهاية
|