كان الحمار هي هان يعيش في مزرعة ؛ يأكل العشب ويعمل بجد فيعين
العم سعيدا في أشغاله الفلاحية وينقل الخضر و يحمل الأطفال و
يلعب معهم .بعد يوم مضن , شعر الحمار هي هان بالتعب. و لما رأى
الثور في الظل مبتهجا في ذلك اليوم الصيفي الفائض قرر التمرد
فقال في نفسه :
ـ لن أعمل بعد اليوم.
و من الغد جاء العم سعيد مبتسما ليأخذه معه
للعمل.فرأى الحمار هي هان ملقى على الأرض فقال في نفسه :
ـلقد عمل أمس بجد و لذلك فقد تعب تعبا شديدا. سوف أريحه هذا
اليوم .ثم خرج وحده للتسوق من دون الحمار .
و من الغد ألفى العم سعيد الحمار كما تركه أمس فقلق و أشفق عليه وقرر
استدعاء الطبيب البيطري لفحصه و الاطمئنان على صحته .
عندما حضر الطبيب البيطري تفحص الحمار و جس
نبضه و نظر في عينيه و قاس حرارته ثم طلب منه الوقوف فتظاهر
عدم الاستطاعة ...
اختلى الطبيب البيطري بالعم سعيد و أسر إليه كلمات
:
ـ إن الحمار بخير.
حدق العم سعيد بعينين متسعتين و فتح فمه من الدهشة . فطلب منه البيطري
أن يتبعه في صمت بعد أن غمزه. ثم عادا معا قرب الحمار. و في
ذلك الحين رفع الطبيب صوته قائلا :
ـ إن دواء هذا الحمار المسكين هو الجوع , لقد سمن إلى درجة أن قوائمه
لم تعد قادرة على حمل جسده الضخم الثقيل ... لا تعطه العلف
لمدة أسبوع ... و سوف يتعافى بعد ذلك حين يضعف بإذن الله.
انصرف البيطري فنصح العم سعيد الحمار هي هان بعدم الاقتراب من
الطعام . و أبعد عنه العلف.
في منتصف النهار حضر العم سعيد متخفيا فرأى الحمار يعلف مع الثور فسعل
فأسرع الحمار بالاستلقاء على الأرض متمارضا فقال العم سعيد في
نفسه وهو ينضر إلى مكعلف الثور فارغا:
ـ لقد استحلى الكسل و استعذب الظل المريح و الماء البارد .
أضاف الشعير للثور و ربط الحمار في وتد متين ثم انصرف من دون أن
يعطيه تبنا و لا شعيرا كما تعود فعل ذلك كل يوم ...
في المساء شعر الحمار بالجوع و لم يعد يجد أمامه سوى الماء فشرب الماء
و لم يستطع النوم من الألم.
في الصباح زاد ألم الحمار و وهنت قوته و شعر بالخدر يسري في أوصاله و
بدأ رأسه يدور و قوائمه تثقل...
و مرت ثلاثة أيام فلم يعد الحمار هي هان قادرا على الصبر على الجوع
فراح يصيح بصوت واهن و هو ينهق :هي هان ..هان...هان..هان..
سمعه العم سعيد فابتسم و هو يردد : من لا يعمل لا
يأكل. حقا إن الحمار لم يفهم ذلك . لقد نسي الحكمة و استحلى
الكسل.... |