جمعية المنهل الثّقافي بمنزل عبد الرحمان تهتم بكتاب المناضل علي المعاوي

  جمعية المنهل الثقافي بمنزل عبد الرحمان                     
                 دعــــــــــــــــوة

 

          إلى السيد :     

 

سلاما و احتراما

يشرف  هيئة  المنهل الثقافي  بمنزل عبد الرحمان  أن  تـدعوكم إلى  حضور  فعاليات  الندوة  الفكرية  التي تنظمها الجمعية  حول كتاب :

                        

                           "  ذكريات و خواطر "  لعلي الميعاوي

                         يقدم خلالها الأستاذ مصطفى بوحجة مداخلة 

                    حول  محتوى الكتاب  والبعد التاريخي  فيه.

 و ذلك  يوم السبت 27 فيفري 2010  بدار الثقافة ابن رشد بمنزل عبد الرحمان على الساعة     الرابعة إلا الربع بعد الزوال     

مع الشكر  و السلام

                                                         عن هيئة جمعية المنهل  الثقافي   

                                                                    بمنزل عبد الرحمان

 

  تاريخ الحركة الوطنية من خلال السير الذاتية لشيوخ 

  المقاومة  التونسية  في عهد الاستعمار الفرنسي .

      هذه هي الندوة الفكرية  الثانية  التي تدعو  جمعية  المنهل  الثقافي  إلى  تنظيمها  حول تاريخ تونس الحديث و المهتمة بتقديم  كتاب  " ذكريات و خواطر " لعلي  المعاوي  أحد شيوخ  المقاومة  التونسية  في عهد الاستعمار الفرنسي . وسوف يقدم  خلالها  الأستاذ مصطفى  بوحجة مداخلة حول محتوى الكتاب و البعد التاريخي  فيه .

 وتقديمه سوف يكون بالنسبة لجمعية المنهل نموذجا نعتمده لمقاربة  تاريخ المقاومة التونسية للاستعمارالفرنسي طيلة ما يقارب الخمس وسبعين سنة.  وسوف نعتمد في مرحلة أولى من هذا المشروع الفكري سلسلة الترجمات الذاتية التي تم إصدارها  خلال العشريتين الأخيرتين لرجال  سياسة تونسيين ساهموا مساهمة كبيرة في مقاومة الإستعمار الفرنسي  و بناء الدولة  التونسية الحديثة .  و سوف تعمل الجمعية  على اقتناء كل  هذه الترجمات الذاتية و تحسيس  بعض المختصين  في  الدراسات المتعلقة بتاريخ الحركة  الوطنية , كي  يقدموا  من على منبرالمنهل  البعض من هذه  السير الذاتية  و إنجاز بعض الدراسات  المقارنة  بينها  . و قد يتم  تنظيم بعض الندوات الفكرية مع  البعض من أصحاب  هذه السير الذاتية كلما كان ذلك ممكنا.  

 و قد ذكر  حمادي  الساحلي  في تقديمه  لكتاب علي المعاوي " ذكريات  و خواطر" البعض من هذه السير الذاتية  , إذ يقول  : "  لقد ظهرت  خلال العشريتين الأخيرتين  عدة مذكرات ألفها عدد من المناضلين الوطنيين  الأحياء منهم والأموات أمثال : محمود الماطري  وسليمان بن سليمان  و الباهي الأدغم  و الحبيب عاشور  و الطاهر بن الخوجة  و الرشيد إدريس  و محمود بوعلي   و حامد الزغل  و غيرهم .... "

 و بالنسبة للقائنا  اليوم  فقد عملت  الجمعية  على توفير  بعض  المعطيات المختصرة  حول الكتاب و مؤلفه , حتى نمكن المشاركين في هذه الندوة الفكرية - و الذين لم  يقرؤوا الكتاب –  من التفاعل  بكل أريحية  مع ما سوف يثار في هذااللقاء من قضايا  فكرية  تهم تاريخ تونس الحديث , والمشاركة بجدية - كلما أمكن ذلك- في تعميق  الحوارفيها .  

الكتاب كما يدل عليه عنوانه هو حوصلة لتجربة سياسية واجتماعية طيلة ما يقارب النصف  قرن(1936/1988) . وقد تم إصداره  سنة 2007 . وهو من منشورات  المعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية : سلسلة  مذكرات  ( جامعة منوبة ),ويحتوي على 800 صفحة  من الحجم المتوسط  بمعدل 22 سطرا  في كل صفحة .  أما مؤلف الكتاب فإن المقتطفات التالية من ترجمته الذاتية  كافية  لتبين  مدى المعاناة التي تعرض لها خلال مشاركته  في مقاومة  الاستعمار الفرنسي . 

*ولد يوم 25 جويلية 1920 بمنزل جميل .* انخرط في الشبيبة الدستورية  بمنزل جميل  في منتصف  الثلاثينيات  *التحق  بجامع الزيتونة في شهر أكتوبر 1937. * كون شعبة دستورية  سرية  يوم الإثنين 11أفريل 1938 بالموازاة مع الشعبة الأصلية  بمنزل جميل  لتحاشي الخلافات مع هيئاتها . *اعتقل فور دخول  جيوش  الحلفاء  في شهر ماي 1943 إلى العاصمة تونس , واستمر  اعتقاله  إلى موفى شهر ديسمبر  من نفس السنة . * انتخب كاتب عام  للجامعة الدستورية  ببنزرت  في أواخر  سنة 1945. * بتوجيه من الحزب حضر الجلسة  التأسيسية  للإتحاد العام التونسي  للشغل  في 20جانفي 1946 بالمكتبة  الخلدونية * انتخب أول كاتب عام  للإتحاد الجهوي  للشغل ببنزرت  يوم 9 فيفري  1946 في اجتماع عام  بدار الشامخية  أشرف عليه  الزعيم  فرحات حشاد . * أصدر  في 28 سبتمبر  1948 جريدة  " الرقيب "  الأسبوعية  التي أوقفتها  عن الصدور  في أواخر  1949السلط الإستعمارية  بعد أن حكمت عليه بالسجن  مدة ستة أشهر  و بربع مليون  فرنك خطية . * انتخب عضوا  بالمجلس الملي  للحزب  في مؤتمر دار سليم  يوم 17 أكتوبر 1948. * أدخل السجن  سنة 1950. * ألقي عليه القبض  في شهر فيفري  1952 و بقي  في السجن  إلى نهاية  سنة 1953.   و سجن في جوان  1954 . * عين كاتبا عاما  لمنضمة  التضامن  الوطني في  افريل  1955 التي أنشأها  الحزب لمعالجة  ظاهرة الخصاصة  و المجاعة المنتشرة  بالبلاد , و كان مقرها  الجامعة  الدستورية  لمدينة  تونس  و أحوازها  بنهج قرمطو .

                                                                      

                               ندوة فكرية  حول كتاب        

                      " ذكريات و خواطر" لعلي المعاوي

                              السبت  27 فيفري  2010

               على الساعة الرابعة إلا الربع  بدار الثقافة ابن رشد                                                     

                                           بمنزل عبد الرحمان

 توطئة  :

    يندرج تنظيم هذه الندوة الفكرية  ضمن  اهتمام جمعية  المنهل الثقافي  بتاريخ  تونس الحديث  . و قد تم  افتتاح هذه السلسلة  من اللقاءات الثقافية  بندوة فكرية  حول  كتاب  " عرق البرنوس " بتاريخ 9 جانفي 2010  .  أما اللقاء الثاني  من  نفس هذا المحور فهو يتعلق  بكتاب " ذكريات و خواطر"  لعلي  المعاوي . وقد استضافت جمعية المنهل الأستاذ مصطفى بوحجة  لتقديم  مداخلة  في هذه الندوة  الفكرية حول محتوى هذا الكتاب والبعد التاريخي فيه .

 الكتاب كما يدل عليه عنوانه هو حوصلة للتجربة السياسية والإجتماعية لعلي  المعاوي  مابين 1936  و  1988 , أي طيلة  ما يقارب النصف  قرن . وقد تم إصداره  سنة 2007 . وهو من منشورات  المعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية : سلسلة  مذكرات  ( جامعة منوبة ) , و يحتوي على 800 صفحة  من الحجم المتوسط  بمعدل 22 سطرا  في كل صفحة .

 و يحتوي  الكتاب  على  مقدمة - أعدها  حمادي الساحلي-  و تسعة  فصول :

 الفصل الأول    : شغف  المعرفة  و شغف الوطن  ,  ص 13

 الفصل  الثاني  : تجربة  الحرب و السجن و الصمود  , ص117

الفصل الثالث    :  سنوات  ما بعد الحرب  و إعادة البناء  , ص181

 الفصل الرابع   : من تجربة جريدة "الرقيب "إلى تجربة مؤتمر دارسليم ,ص 253

 الفصل الخامس:  المجلس  الملي لأوت 1949 و مخلفاته  ,ص 321 .

 الفصل السادس:  مجرد من المسؤولية  الحزبية  لكن مناضل دستوري , ص381

 الفصل السابع  :  المعركة  الحاسمة  بين السجن و الإبعاد  . ص427

 الفصل الثامن   :  الخلاف حول الاتفاقيات  و موقفي منها  .  ص559

 الفصل  التاسع  : الاستقلال ولجان الرعاية والمحاولة الانقلابية 1961  ص631.

 و نورد فيما يلي ملخصا  موجزا  لكل فصل من فصول  هذا الكتاب

  المقدمة :

 أشار حمادي الساحلي  فيها  إلى سلسلة المذكرات  التي تم إصدارها  خلال السنين  الأخيرة , من طرف  رجا ل سياسة  تونسيين كانت لهم مساهمات جد هامة  في النضال الوطني  و في بناء  الدولة  التونسية الحديثة : مثال ذلك محمود الماطري , سليمان بن سليمان , الباهي الأدغم  , الحبيب عاشور  , الطاهر بن الخوجة , رشيد إدريس , محمود بوعلي  و حامد الزغل ......... .

 ثم يشير المقدم  إلى أن ما يميز السيرة  الذاتية  لعلي  المعاوي هي أن  صاحبها  قد  اعتمد  في كتابتها  على الذاكرة الحية , وهو  ماعبر عنه ب " ذكريات " . أما الخواطر المقترنة  بها  فهي تتعلق  يتقييم المواقف  السياسية  لبعض رجال  الحركة الوطنية  أثناء  فترة  الكفاح الوطني  من أجل إجلاء القوات الاستعمارية عن البلاد التونسية.

 و يعتبر حماد الساحلي هذا الكتاب مساهمة جد هامة في التعريف ببعض الجوانب     من تاريخ الحركة الوطنية .     

 

الفصل  الأول  :   شغف  المعرفة  شغف الوطن 

 

  ولد المؤلف في 25جويلية 1920 بمنزل جميل . و في بداية هذا الفصل اشارعلى المعاوي إلى الوضع الإجتماعي الذي كانت عليه عائلته , إذ كان أبوه  يعمل  بالأرسنال  بفيريفيل , و جده للأب يرتزق  من تربية النحل .

 في سنة 1933 وقعت  أحداث التجنيس  التي شغلت كثيرا الرأي العام التونسي انذاك.و يذكر على  المعاوي أن أحد سكان منزل جميل  قد تجنس في ذلك الوقت .وعند وفاته  منع سكان البلدة أهله  من دفنه  في المقبرة .

و شاءت الصدفة  كذلك  أن  يحضرالطفل علي لفترة زمنية قصيرة  في احتماع  أشرف  عليه الحبيب بورقيبة بزاوية  سيدي عبد القادر  بمنزل جميل . كان ذلك  في جانفي 1934.

كل ذلك بقي عالقا  في ذهنه  و مؤثرا في سلوكهعلى مدى السنين  الطويلة  .

كما اشار  كذلك  إلى ما ذكر  له من مساندة عمال معمل  الأجر بمنزل جميل  لدعوة محمد على الحامي  للقيام  بإضراب  في 22 أوت 1924 , و كان  عددهم مائة عاملا . و في شهر جوان 1936 كان علي المعاوي شاهد عيان على الإستعدادات الحثيثة            

لاستقبال زعماء  الحركة  الوطنية  بمدينة  بنزرت  و الذين  كان مرورهم  بمنزل جميل  حتميا . و يقول أن أول  اشتراك  له  في الحزب الحر الدستوري التونسي كان  في جويلية 1936 .

 التحق  على المعاوي  في سنة 1937 بجامع الزيتونة

  وقد كان شاهد  عيان  على أحداث 9 أفريل  1938 , مبينا ان  هذه الوقائع  كانت مرحلة حاسمة  في تاريخ الحركة الوطنية . و  قد  وصف الأحداث  بدقة كبيرة من خلال  تلك  الأماكن  التي ارتادها  في ذلك اليوم . 

   بعد هذه الأحداث القاسية و المأساوية التي مرت بها البلاد التونسية تم بعث لجان للمقاومة أشرفت على نسف المنشا ت العسكرية  و تحطيم  أعمدة الكهرباء و الهاتف في كل القرى و المدن التونسية . 

 

 الفصل الثاني  : تجربة  الحرب و السجن  و الصمود :  ص117

    بإيعاز من  الحبيب ثامر قررعلى المعاوي  الإنقطاع عن الدراسة  بجامع الزيتونة  والتفرغ لخوض معركة   الكفاح  التحريري  . ( هذا ما يقوله بصفحة 117) . و قد كان  اثر ذلك الموقف قويا على عائلته  و بصفة خاصة  أبيه  .

 أشار  المؤلف  إلى قضية التعامل مع قوات  الحور  حينما حلت بالبلاد التونسية  في أوائل  الأربعينيات  . و حينما زار الحبيب ثامر  منزل جميل  في شهر مارس  1943 قادما إليها  من غار الملح  , فقد الح  على أعضاء الشعبة  بعدم التعامل  مع قوات المحور بأي شكل من الأشكال . كما أشار علي المعاوي  إلى أن أغلب  سكان مدينة  بنزرت  قد هجروها  في اتجاه  القرى المحيطة بها  بعد ان اشتد  و طيس الحرب  بين  المحور و الحلفاء .

 و يذكر كيف أنه كان  يتحاشى قوات  المحور التزاما  بتعليمات الحزب . و أن البعض من عسكر المحور  حاول إغراءه  عن طريق  أحد سكان منزل جميل . كما اشار  في هذا الفصل  إلى  الرسالة الصوتية  التي توجه  بها  الحبيب بورقيبة  إلى الشعب التونسي  بواسطة راديو باري  يوم 6مارس 1943 .

 و خلال الأيام المتراوحة  من 9 إلى 12 أفريل 1943 سمح للزعماء وبقية المساجين الذين كانوا  بسجون فرنسا  بالعودة إلى تونس . و كانت طائرات المحور  هي التي نقلتهم  و حطت بهم  بالمطار العسكري  بمنزل تميم .

 بعد خروج  قوات المحور  من تونس  و دخول قوات الحلفاء  ومعهم الفرنسيون  استولى الخوف على  الوطنيين  بجميع أصنافهم . ذلك أن أن تهديدات  الفرنسيين  بالإنتقام  قد تكررت في عدة مناسبات . و قد  أشارعلي المعاوي  في الخصوص  إلى

 (لاركاد ) مدير المدرسة الإبتدائية بمنزل جميل و ممارساته  الدنيئة  في حق سكان  البلدة , رغم أنه كان  من أوائل   المتعاملين مع قوات  المحور عند حلولها  بجهة بنزرت . لقد كان إذن االآعتقاد سائدا  لدى كل المواطنين  بأن  الفرنسيين  سوف يبطشون  بكل من يقع في قبضتهم من الدستوريين . وبذلك كان قادة الحركة الوطنية مهددين في كل لحظة   بالزج بهم  في السجون الفرنسية من جديد .

 و في هذا الخصوص  أورد علي المعاوي نص المنشور  الذي أصدره  الديوان السياسي  لكسب عطف  قوات الحلفاء  حتى لا تنكل  بالشعب التونسي . و المنشور ممضى من  طرف الزعيم  الحبيب بورقيبة .

 و أشار كذلك  إلى سلسلة  الإيقافات  التي تمت بمنزل جميل  في 14ماي 1943على   أيدي قوات من الجيش الفرنسي حلت  بالبلدة و بمساعدة لاركاد المشار إليه  انفا  .  وعلى المعاوي نفسه تم إيقافه  و سيق الجميع  إلى ضاحية العزيب . ثم تم توجيهم إلى سجن  السيفي .

و أورد علي المعاوي وصفا دقيقا للإهانات و التعذيب التي  تعرض إليها الموقوفون     بسجن ثكنة السيفي  بفريفيل . و هو يقول  أن كل ذلك لم ينل من  قوة إيمانهم  و لا من صلابة  عزائمهم  سواء في جحيم هذا السجن  أو في سجون الموت الأخرى.

و كانت كل  السجون بتونس في ذلك الوقت غاصة  بالتونسيين  المتهمين  بالتعاون مع قوات المحور, بتهم ملفقة في أكثر الأحيان . و قد صدرت في حق البعض من هؤلاء أحكام  وصلت إلى حد الأشغال  الشاقة  المؤبدة .

 و يشير على  المعاوي  إلى أن صالح بن يوسف  قد فتح  مكتبه  في هذه الظروف  لممارسة عمله كمحام , و التحق كذلك  الهادي  نويرة  بمكتب المحامي حسن القلاتي كمحام متربص .

و في هذه الفترة التي اشتد فيها قمع القوات الاستعمارية لكامل فئات المجتمع التونسي  يقول علي المعاوي أن جهة بنزرت كانت أخف ضررا مما لحق ببقية الجهات الأخرى من القمع و العسف  بسبب التعاون  مع قوات المحور .

 و في اخر هذا الفصل  يقول صاحب الكتاب : " كان العمل الحزبي انذاك  تحيط به  السرية التامة  و الحذر الكبير . و كان القادة منشغلين  بمواضيع تتجاوز  اهتمامات  القاعدة .  

 الفصل الثالث  :  سنوات مابعد الحرب  و إعادة بناء  حزب قوي عتيد   ينفض عن كاهله  أوزار  الحرب و مخلفاتها . ص 181

 

    يقول  علي المعاوي في مفتتح هذا الفصل   أن مجهود القيادة  في هذا الظرف القاسي قد تركزعلى إخراج الحزب من العزلة التي تردى فيها  بعد عودة  الفرنسيين , و التي استغلها الجنرال  جوان  لتسديد المزيد  من الضربات الحاقدة  ضد الشعب التونسي , بعد عزل ملكه الشرعي المنصف باي .

 و إن التأييد المفرط لقوات الحلفاء والإستنقاص من قدرالدكتورالحبيب ثامر من طرف بعض قيادات الحزب  انذاك  قد جعل الحماس  يفتر في في أوساط الشباب  في حدود  1944.

ثم اشار الكاتب  إلى بداية التفكير  في تهريب  الحبيب بورقيبة  إلى الشرق  , للبدأ في التعريف  بالقضية التونسية  في المحافل الدولية شرقا  و غربا . و كان هذا با قتراح  من  صالح بن يوسف  في اجتماع  ضم  زعماء الحزب الجديد  في جانفي 1945. و قد قبل الزعيم الحبيب بورقيبة ما اقترحه عليه الزعيم بن يوسف .

 ذلك أن الظروف  أصبحت  مواتية لتدويل القضية التونسية  و كسب الأنصار لها  في ظل الإنفتاح  الدولي , بعد أن وضعت الحرب العالمية  أوزارها .

و يقول علي المعاوي  أن قبول الزعيم بورقيبة  بالهجرة إلى الخارج للتعريف بالقضية التونسية  يعتبر  تضحية كبيرة من طرفه في تلك  الظروف الأمنية الصعبة  التي تمر بها البلاد .

 و قد طلب منه الزعيم  بن يوسف تضليل البوليس  و الحرص الشديد  على  كتمان الخبر  على أي كان .

 و يشير كذلك إلى أن كل  هذه الوقائع قد اطلع عليها عن طريق مبروك  عبد الصمد  أحد  قادة حزب الدستور في ذلك الوقت .  توجه هذا الأخير بطلب من الزعيم بن يوسف  إلى المنستير  لمصاحبة الزعيم  بورقيبة  إلى تونس العاصمة  بدعوى  مقابلة بعض الصحافيين  جاؤوا من الخارج . و من تونس  العاصمة بعد قضاء بعض حوائجه  و التسليم على ابنه  و زوجته  امتطى القطار  صحبة عبد الصمد  في اتجاه صفاقس وبالتحديد دار الحبيب عاشور .  لقد تم بكل  حكمة  تضليل  البوليس السري  انذاك . 

 و في نفس هذه الفترة (1945) التي سافر فيها  بورقيبة  إلى الشرق  عن طريق البر  بدأت  المساعي  حثيثة  لتكوين حركة سرية من المقاومين  يكون من مهامها العاجلة  ضرب المصالح  الحيوية  للاستعمار  بتونس .

و قد كانت  استراتيجية الحزب  انذاك   تتمثل في الحرص  على تعبئة  كافة شرائح المجتمع التونسي  من عمال  و تجار  و مهنيين  و فلاحين  و تشكيلات  شبابية لتأطيرها  ضمن مؤسسات  حزب الدستور  المتنوعة .

 اجتمع انذاك  المنجي سليم  ببعض  المناضلين  من جهة بنزرت  قصد تكوين مكتب جامعة الحزب  بجهة  بنزرت . و أسفر هذا الإجتماع  عن التركيبة التالية  لهيئة هذه

المؤسسة :  محمد دربال (رئيس, بنزرت ) علي المعاوي (كاتب عام ,منزل جميل ) الطيب تقية (امين مال , فيريفيل ) محمود بن الشيخ  (عضو, راس الجبل ) , الناجي حاج سالم (عضو , منزل عبد الرحمان ), محمود الحداد فول (عضو ,غار الملح    )     

  الحاج الطيب بن الحاج عثمان ( عضو , غار الملح ) .

 و قد كانت الخلافات  حادة  بين المناضلين  بجهة بنزرت في هذه الفترة إلى الحد الذي أدى إلى عرقلة  عمل هذه المؤسسة السياسية  بجهة بنزرت . و قد توسع  علي المعاوي  كثيرا  في الحديث عن نوع  هذه الخلافات  و أبعادها السياسية , مركزا  في ذلك  على بعض الشخصيات  المميزة  بالجهة   .

 كما أشارالمؤلف إلى مساعي قيادة  حزب الدستور  لكسب  الطبقة  الشغيلة  التونسية  و محاولة تأطيرها تحت لواء منظمة  و طنية  عتيدة .  و تدرج من ذلك إلى الحديث  عن مساعي  الحزب  من أجل  بعث منظمة نقابية و طنية . و يقول  علي المعاوي  أنه بذلك القول  يريد أن يردعلى الذين يقولون بعدم تدخل حزب الدستور   في بعث  الإتحاد العام  التونسي للشغل .

 في 20جانفي 1946  تأسس  الإتحاد العام التونسي للشغل  برئاسة   فرحات حشاد  . و في زيارة  هذ الأخير لمنزل جميل  مباشرة بعد بعث المنظمة العمالية  تم تشكيل  أول نقابة  بجهة بنزرت  تضم عملة  معمل الياجور  بالبلدة . و تلى ذلك  تشكيل هيئة وقتية       

لأول اتحاد جهوي  للشغل ببنزرت , كان  علي المعاوي كاتبه العام .

 يقول علي المعاوي : " لقد توسع عمل اتحاد الشغل  و نمت تشكيلاته واشتد ساعده بمنخرطين  جدد و إطارات كفأة .

 و أشار علي المعاوي  في اخر هذا الفصل إلى سفر الحبيب  بورقيبة  من مصر إلي الولايات المتحدة لزيادة  التعريف  بالقضية  التونسية . و قد بقي هناك مدة زمنية  تتراوح  بين  شهر ديسمبر  1946 و أواخر شهر جانفي 1947 . التقى هناك  بممثلي الدول العربية  و الدول  الاسوية  بالمنتظم الأممي , فوجد منهم المساندة و الدعم  للقضية التونسية . كما تم  استقباله  رسميا  بواشنطن من طرف مساعد وزير خارجية                 الولايات المتحدة الأمريكية .

 و في نفس هذاالفصل خصص علي المعاوي أربع صفحات(من225إلى 238 )    للحديث عن  محجوب  بن ميلاد  كمفخرة من مفاخر منزل جميل في الميدان الفكري و الفلسفي. ثم عرج  للحديث عن حماس  شباب منزل جميل  للآلتحاق  بحرب فلسطين  سنة 1948   .  و أنهى هذا الفصل  بالقرار الذي اتخذه الحزب  في 16 أوت 1948 و المتمثل  في طرد  امحمد الأرناؤوط  من  الحركة الدستورية . و بذلك ازداد  الوضع  تأزما  بجهة بنزرت  .   

 

                                     

الفصل الرابع : من تجربة جريدة "الرقيب" إلى تجربة مؤتمر دار                               سليم  ص 253

 

 يقول علي المعاوي  أنه اكتشف  أثر ما كان يكتب على  صفحات الجرائد  انذاك  على السلط  و أعوانها , و خاصة منهم : المراقب المدني  و الجندرمة و القايد  و الكاهية  و نواب المجلس الكبير . و قد كان هو نفسه  انذاك  يراسل جل الجرائد  في انتقاد هؤلاء الأعوان و التشهير بهم . ثم ذكر كيف أوحت  له  كل هذه  الأفكار و الهواجس    ببعث جريدة أسبوعية  تحمل اسم  " الرقيب "  خلال شهر  1948 .

 العدد الأول من هذه الجريدة صدر يوم  الثلاثاء  28سبتمبر 1948 بمطبعة ا التليلي  بنهج المفتي  بتونس . و كانت هذه  الجريدة – كما يقول علي المعاوي – صوت عذاب  على رؤوس  غلاة الاستعمار. و كانت  اثقل أيام  الأسبوع  بالنسبة  للمراقب الدني  ببنزرت ستابلو  و جندرمة منزل جميل هو يوم الثلاثاء الذي تصدر  فيه جريدة الرقيب.

 ويقول كذلك  أن  بعض زعماء الحركة  الوطنية بعثوا  له  برسائل  تهنئة على اصداره  لجريدة الرقيب  في مثل هذا الظرف العصيب .

 تمكن علي المعاوي من إصدار 38 عددا من جريد الرقيب : من 28سبتمبر 1948 إلى 28جوان 1949.

 في غرة  سبتمبر 1948 توفي  ملك  البلاد  المنصف باي  بمنفاه بفرنسا . و قد تم اتهام  فرنسا بتدبير  عملية  اغتياله بالسم .

و في الجزء الثاني من هذا الفصل  أشار  علي المعاوي  إلى مؤتمر دار سليم .وأنواع المداخلات  للمشاركين  فيه إثر تقديم التقرير  الأدبي  للحزب  من طرف صالح بن يوسف . و قد كانت  النقاشات ذات توجهين  متعاكسين : هناك  من  ساند الديوان السياسي ومنهم من اتهمه بمحاولة  الاستحواذ على الحزب في غياب الحبيب بورقيبة.

انتخب أول  مجلس  ملي  للحزب  في هذا المؤتمر . و كان علي المعاوي أصغر المترشحين  الذين فازوا بالعضوية فيه  .

 بعد مؤتمر دار  سليم ضاعف  الحزب  من محاصرته لركني السفارة الفرنسية وهما :  وزارة الكعاك   و المجلس الكبير . و برز ذلك  من خلال الحملات الصحافية  التي شنت عليهما . والاجتماعات العامة  التي أشرف عليها زعماء الحزب  منذ  مفتتح  عام 1949 كانت عبارة  عن نداء صريح  للشعب  التونسي  كي يعلن العصيان المدني  في وجه السلط الاستعمارية  إلى الحد  الذي جعل  الحكومة  لا يمكنها  التنقل من مكان  إلى اخر  إلا في ظل حماية قوات الجندرمة والجيش .  و يقول علي المعاوي  أن الشعب  كان مهيئا  و مستنفرا  لتقديم كل التضحيات . وبذلك نجح الإضراب  العام  الذي دعى إليه الحزب   بتاريخ  24 فيفري  1949. وكان  أعوان الأمن  يهددون  أصحاب المقاهي  بسحب الرخص منهم  إذا ما شاركوا في هذا الإضراب العام .  

و في 26 فيفري 1949 نظم الحزب اجتماعا عاما ضم كل الطاقات الحية  بالبلاد من رجال سياسة و رجال اقتصاد  و مثقفين  بمقر جامعة تونس  و الأحواز  بنهج القرمطو . و ألقى الزعيم  صالح  بن يوسف  في هذا الإجتماع خطابا  مطولا . و من جملة ما جاء  في هذا الخطاب : " ….. و لذلك فتح حزبنا  هذه الجبهة للمفكرين  من أهل الذكر  في مجالات السياسة و الاقتصاد  و الاجتماع , لإعداد الثوابت  و الأسس  التي سينطلق  منها  البرلمان التونسي  في غده القريب و المنتظر  . "

و كانت  قضية  محاولة انتزاع  الأراضي  الفلاحية  الخصبة بمنطقة جرزونة  بضاحية بنزرت  الجنوبية  قد استأثرت  باهتمام الجامعة , مما أدى إلى تكوين  وفد من ستين مواطنا ممن افتكت أراضيهم   لمقابلة  الباي  بحمام الأنف . كان ذلك  يوم الخميس 17مارس 1949 .

 و أورد علي المعاوي  النشيد الوطني  الذي ألفه  محمد  العروسي المطوي  سنة 1949خصيصا  للشبيبة الدستورية بمنزل جميل . ونورد فيما يلي بعض الأبيات منه: 

 

نلبي النداء  نداء الوطن         و نصدع  بالحق  رغم المحن

و نهفو إليه بأرواحنـــا          و نفدي البلاد بأغلى ثمـــــن

 و نسعى نحقق  امالنـــا         دراكا دراكا  بدون وهـــــــن        ص 292

 

و في موفى شهر أفريل  من عام 1949 قرر الديوان السياسي  تكليف  أعضاء المجلس الملي  لعقد  اجتماعات  عامة في مختلف  جهات  البلاد . و كانت منطقة الساحل  في كلفة علي المعاوي . و افتتح سلسلة تلك الاجتماعات  ببلدة المكنين .

 و قد  بدأ ت منذ ذلك  الوقت  الخلافات تشتد بين  الذين يساندون  الحبيب بورقيبة  وهو مقيم بالشرق  و بين قيادة  الحزب الموجودة بداخل البلاد  و على رأسها  صالح بن يوسف . يقول علي المعاوي  : "  في هذه الأثناء  كانت الرسائل  تترى من القاهرة بقلم الزعيم  بورقيبة  تستنقص من أعمال الديوان السياسي , و مؤاخذته  باعتباره قد ركن إلى المسالمة  و تخلى عن خيار الكفاح الوطني  الإيجابي …. كما ياخذ بورقيبة على منجي سليم  تضييق الخناق  عليه و تخصيص قريبه  الحبيب ثامر  بكل الإعانات     

المالية  التي كان يبعث  بها الحزب  إلى  القيادة الحزبية  خارج  البلاد . "

و في اخر هذا الفصل  أشار الميعاوي  إلى عودة الحبيب بورقيبة  من الشرق  يوم الخميس 8 سبتمبر  1949. كما بدأت تظهر على السطح  بعض الخلافات  بين بورقيبة من ناحية  و بعض  ألأعضاء من الديوان السياسي  و المجلس الملي . و من جملة ماخذ الحبيب بورقيبة على علي المعاوي  أن هذا الأخير  حسب محتوى بعض الرسائل  التي وصلته إلى القاهرة  قد طالب بمحاكمته في اجتماع  المجلس الملي . و لكن  علي  المعاوي  ينكر ذلك و يقول ان تلك الرسائل هي  نوع من التفتين  بين الوطنيين .

 

الفصل الخامس  : المجلس الملي  أوت 1949 و مخلفاته  ,   ص 321 

 

 في بداية هذا الفصل يقول علي المعاوي : "  أصبحت هذه الأجواء تشغل  الرأي العام و تلهيه , بما تصاعد  في سمائها  من رائحة دخان الفتنة  التي أخذت  تلقي بثقلها على كل النفوس  . و صرنا حتى نحن من جهتنا  نتحدث بشيء من التحرر  على غير ما دأبنا  عليه من التحفظ  , خاصة حول  شؤون الحزب الداخلية  . "

 ثم يشير  إلى الكلمة  التي وجهها  إليه الحبيب  ثامر حينما كانا ذاهبين  إلى غار الملح  في أفريل  1943 : "  إن المناضلين  كالمحركات  إذا توقفت  عن العمل دب فيها  الصدأ ….. و عليك أن لا تترك لهم الفرصة  يتسقطون    لبعضهم البعض العثرات "   

 و في هذه الفترة  تم توقيف " جريدة الرقيب "  منذ أواخر شهر جوان 1949 . و هو يقول  أنه  بقي في فراغ  مقلق و موحش . وقد كان أهم شيء   يتسلى به , هو التعبير  بكل حرية  عما  يجيش في صدره  بلسان صريح  و سليط  ومن غير  وصاية و لا رقيب . 

ونورد فيما يلي مقتطفا  من الكلمة التي  ألقاها علي المعاوي  في اجتماع المجلس الملي الأول  بعد انتخابه  في مؤتمر دار سليم ( في أوائل شهر أوت 1949 ) :" نطلب من الديوان السياسي تقديم توضيح عن حقيقة العلاقة  القائمة الان بينه و بين الزعيم بورقيبة  و بين سي الحبيب  و أعضاء  مكتب المغرب العربي من جهة ثانية..... ثم ماهي  الأسباب الكامنةوراء توجيه  هذه الرسائل  الشائنة  لنشاط الحزب  في تونس والصادرة  عن  الزعيم بورقيبة  من مهجره في المشرق  إلى جهات تغلي  صدور أصحابها حقدا و كراهية له ضد الحزب ......" 

 و اجتماع المجلس  الملي هذا و ما تخلله من نقاشات قد أحدث عدة ردود فعل  صحافية  في ذلك الوقت  التي أدخلت البلبلة  في صفوف  الوطنيين بجميع أصنافهم . و قد تركزت كل هذه الردود  على كلمة علي المعاوي  في هذا الإجتماع .و حسب قول هذا الأخير  فإن التحريف  الذي أقدمت  عليه  بعض الصحف  في نقل محتويات  هذه الكلمة  هو الذي زاد الطين بلة .

 يقول علي المعاوي  : " عاد  الحبيب بورقيبة  إلى أرض الوطن  في 8 سبتمبر  1949 و من المطار قصد القصر  لمقابلة الملك  و السلام عليه , - و هو مكره على  ذلك - بإيعاز  من صالح بن يوسف . و بعد هذه الزيارة توجه مباشرة  إلى ضريح  الملك الشهيد محمد المنصف باي ..... "

" و يظهر أن  أن الزعيم  بوررقيبة  قد لفت انتباهه  ماوجد عليه  الحزب من القوة  والمناعة  و ما وجد عليه  الشعب من الحيوية  و متانة الالتفاف  حول الحزب  و القادة  وحول شخصه هو بالذات . ؟

 و حفل  الاستقبال  الذي نظمه الديوان السياسي  بتاريخ 9/9/1949 لبورقيبة  كي يستقبل  وفود الجهات  التي جاءت  لتسلم  عليه بمقر جامعة  تونس الدستورية  بنهج القرمطو هو أكبر شاهد على الحيوية  التي يمر  بها  الحزب انذاك "

 يقول علي المعاوي  . " إن بورقيبة  قال له  عندما  جاء دوره للتسليم عليه  . " هذا هو السيد الذي يطالب بمحاكمتي   في الوقت الذي كنت  أتحمل  فيه هموم   الغربة من أجل  الدفاع  عن القضية  الوطنية . " كل ذلك  قاله بورقيبة  بصوت عال على مرأى و مسمع  من جميع الحاضرين  بمقر الجامعة .

ثم واصل بورقيبة  قوله  : "  و بعثت له رسالة شكر مطولة  للإشادة  بنشاطه....ولكن ما راعني إلا و بعض الجرائد  هنا  تقدم على فضح  الدور الذي كلفوه بأدائه  ضدي للإساءة لي  في اجتماع المجلس الملي ................. و قد أرسل إلي  بعض الأحرار  الذين أثق فيهم  و اعتمد عليهم  ينبهونني  إلى مؤامرة خبيثة تحاك ضدي . و هذا السيد ( يقصد علي المعاوي ) هو أحد أبطالها , و ينصحونني بالإسراع بالعودة  إلى أرض  الوطن  لإنقاذ الحزب و افتكاكه , و الحذر كل الحذر من هذا الجبار  الذي وجدته " يضرب يصرع  في الحزب (  يقصد دائما علي المعاوي )

 يقول علي المعاوي  : " ... كان بورقيبة  بالمنستير  و كنا بالعاصمة  على بينة بما  يحيكه بعض الأخوان  لتقويض الوحدة  بين الوطنيين  و نسف هذا التلاحم , الذي أربك السفارة  الفرنسية  و سفه أحلامها  في نشوب  صراع على النفوذ  داخل هياكل الحزب.  و قد كان البعض ممن يترددون على المنستير  لزيارة الزعيم بورقيبة  يرجعون بانطباعات  غير مريحة  . "

 ثم  يواصل  قوله : " ....زار بورقيبة  بنزرت  في 16 أكتوبر  1949 و كان استقباله  فيها من طرف الجماهير الشعبية  رائعا  و منقطع النظير , بداية من  نهر مجردة  وأمام كل محطة  و كل دشرة  .... كان واقفا في السيارة المكشوفة  وهو يرد على تحيات الجماهير  . ّ "

" و في اجتماع  بمدينة بنزرت  أقدم الحبيب بورقيبة  على حل هيئة  جامعة  بنزرت  للحزب  و تعويضها بأ خرى  . و الهيئة المقا لة  هي : محمد دربال   , علي المعاوي,الطيب تقية , محمود بن الشيخ , الناجي الحاج سالم , ميلاد بوربيع  , أحمد بن صابر  و الحداد فول  .  

  الفصل السادس :  مجرد من المسؤولية  الحزبية  لكن مناضل دستوري

   أشار علي المعاوي في بداية هذا الفصل إلى اشتداد  حدة الخلافات بين عدة أطراف  في الحركة الوطنية . و في هذه الأثناء (12ديسمبر 1949)توفي الحبيب ثامر  إثر سقوط  الطائرة التي امتطاها  للتوجه إلى  باكستان باصطدامها باحد الجبال  هناك .

و قد بدأ ت اللهجة مع المستعمر  تتصاعد  في هذه الفترة من طرف الحزب , سواءا من خلال الصحافة  أو من خلال  خطب  القادة  الوطنيين  في الآجتماعات العامة.

و في 18 أفريل 1950 صدر قرار  في رفض سليمان بن سليمان من الحزب .

 و يذكر علي المعاوي  أنه ألقي عليه القبض  في يوم 26 أفريل1951 بسبب القضية  التي رفعها ضده  الوزير الأكبر  مصطفى  الكعاك  و شمس الدين  العجيمي  رئيس حزب الإتحاد الترقي .

 و من ناحية أخرى  فقد بدأت  الخلافات  في التوسع  بين عدة أطراف  في الحركة الوطنية .

 الفصل السابع  : المعركة الحاسمة  بين السجن و الابعاد

 يقول علي المعاوي  في مفتتح هذا الفصل : " كان شعبنا  في هذا الظرف  واعيا  لدوره و متفهما  لواجباته و مؤمنا برسالته , مقرا العزم  على الانخراط  بعناد  وإصرار على المشاركة  بجد  في معركة التحرير الوطني  إلى نهايتها حتى يفوز بإحدى الحسنيين . و بعد إيقاف الديوان السياسي  الأول تم تشكيل الديوان السياسي الثاني ..... و كانت  المظاهرات  و الآضرابات  و أعمال التخريب  مبعث تنافس شديد  بين المواطنين  في جل  أرجاء البلاد ..............و في 28جانفي 1952 و قعت أحداث تازركة  و دامت أربع أيام  و نصف ..... و كان  ذلك شهادة على مدى و حشية  الآستعمار الفرنسي  في التعامل مع الشعب التونسي بجميع  فئاته الاجتماعية .و هذه الأحداث  هي كذلك شهادة  على مدى ما تحمله  الشعب التونسي من قساوات هذا الإستعمار الفرنسي .

الثورة بدأت تدق طبولها بعنف  شديد  منذ بداية سنة 1952 في كل القرى و المدن التونسية ............... و المظاهرات  و الآضرابات  و أعمال  الشغب  و الحرق وتخريب  المنشات  و نصب الكمائن  لأفراد  قوات جيش الاستعامار  و المتعاونين معه

اصبحت  انذاك الظاهرة  اليومية  و المألوفة لدى الشعب . و تقابل كل ذلك  حملات  التوقيف  و الاعتقالات الواسعة  التي كانت تشمل  الرجال  و النساء و الأطفال  دون أي تمييز . "

 كما اشار علي المعاوي  إلى الأحكام  التي كانت تصدرها المحاكم العسكرية في شأن هؤلاء الموقوفين . و هو يقول  أنه غير قادر على الحديث عن هذا الوضع القاسي  الذي مرت  به البلاد التونسية  انذاك بكل تفصيل . و لكن كل  ما قاله هو  إشارات  موجزة  اسعفته بها الذاكرة الحية .  إن العمل التفصيلي  لكل هذه الأحداث التاريخية هو من مهام المؤرخين .

 و في 16فيفير 1952 تم إيقاق  علي المعاوي مرة أخرى . و أشار  إلى ممارسات  التعذيب التي تعرض  إليها هو و غيره من الموقوفين عند التحقيق معهم  .

 وكانت الآحكام الصادرة عن المحاكم  العسكرية  ضد المواطنيين منذ اندلاع  المقاومة المسلحة ثقيلة و شديدة و قاسية . فيها  الإعدام  و المؤبد  و النفي . و كانت السجون تستقبل يوميا  أفواجا جديدة من الوطنيين  من مختلف جهات البلاد  التونسية وعلى رأسهم  بعض القياديين  في حركة  المقاومة التونسية  .

يقول المعاوي : " لقد كنا نستمع ( بالسجن المدني  بتونس ) و في خشوع و إكبار  إلى هؤلاء الشهداء الذين يقادون إلى تنفيذ حكم الإعدام  فيهم وأيديهم  مكبلة بالسلاسل  من الخلف , و هم يوصوننا بأعلى أصواتهم – نحن المساجين  الاخرين – بالوطن والشعب . كادت  أعصابنا  تتحطم  و أفئدتنا  تتمزق  لسماعنا أصوات  هؤلاء الشهداء  الذين  ضحوا  بأغلى ما عندهم  في سبيل هذا الوطن . "        

 ّ كانت  غرفنا  بالسجن  المدني محاذية للممرات  التي سيق فيها  هؤلاء الشهداء  في اتجاه ساحة الإعدام  . "

 أكيد أن اللغة  عاجزة عن وصف الحالة النفسية التي كان عليها علي المعاوي عند سماعه  لاصوات هؤلاء الشهداء . و ما أورده  في المقتطف السابق هو  أقل بكثير  مما شعر  به في ذلك  اليوم  القاسي  على كل  الوطنيين الأحرار .

 و بعد ذلك توسع علي المعاوي شيئا ما  في الحديث عن السجن المدني بالعاصمة ومقارنته  بالسجون الأخرى بتونس  و خارج تونس  و خاصة منها سجن الحراش  بالجزائر  الذي يصدق فيه  القول  "  الداخل إليه  مفقود  و الخارج منه مولود "

 أما عن ظروف الإقامة في هذا السجن وكيفية تمضية الوقت فيه فإن علي المعاوي يقول  : " ... وسرعان ما أضحت غرف الدستوريين منابر للحوار و إلقاء المحاضرات  في السياسة  و الإقتصاد  و الأخلاق  و التمثيل و  التثقيف العام , لحفز الهمم  و شحذ العزائم ............ و كان يتداول على هذه المنابر  الطلبة و الأساتذة  و إطارات الحزب  التي حشرها  الإستعمار الفرنسي  في غياهب هذا السجن  . "

كما أشار علي  المعاوي  إلى  محاولته في كيفية  تعلم اللغة الفرنسية  بالسجن  المدني  سنة 1952  إذ يقول  : " ......  و قد كنت أنا شخصيا  جاهلا باللغة الفرنسية  فأحسست انذاك بالرغبة في تعلمها    . و قد تطوع  لتعليمي إياها  أخي العزيز  بلحسن الشريف , فجلب  لي  كتابا   في القراءة بالفرنسية . "

 ثم أشار  إلى  الانتفاضة  التي وقعت بالسجن المدني  , حيث تم تكسير الأبواب والنوافذ بسبب ترحيل  مجموعة من المساجين  الوطنيين  إلى سجن (لا مبيز) بالجزائر.

 و عندما  امتلأ السجن المدني   بالموقوفين  عند بدء الانتفاضة الشعبية  في 1952 نقلت السلط الاستعمارية  البعض من المساجين  إلى زندانة باردو  و سجن باجة . 

  و قد كان علي المعاوي  من ضمن الموقوفين  عند بدء الانتفاضة  في 1952  و حكم عليه  بالسجن مدة عامين  و تغريمه بأربع مائة  ألف  فرنكا . و قد افرج عنه  في    4ديسمبر 1953 مصابا  بمرض الروماتيزم  و متوكئا على عكازين من خشب .

 ثم واصل علي المعاوي قائلا : "  بعد خروجي من السجن في ديسمبر 1953  تفرغت لكتابة سلسلة من المقالات الصحافية  نشرتها على أعمدة  الصحافة و خاصة  منها  جريدة الصباح . تحدث في  تلك المقالات  عن المعاملة القاسية  التي  يتعرض   لها المساجين السياسيون  التونسيون  في جميع  السجون و و خاصة منها سجن لامبيز بالجزائر . و قد  أدت  هذه المعاملة القاسية  مع المساجين  إلى وفاة البعض منهم  تحت التعذيب  كالشهيد البشير بن منصور  شليفح  الذي وافاه الأجل  المحتوم  بالسجن المدني  يوم 15مارس 1954 .

 و في سنة 1954  أصبح علي المعاوي  مسؤولا  على تمويل مطعم  الطلبة الزيتونيين يوميا بالخضر و الغلال  و البقول  و العجين .  و بهذا العمل  القار  تحسنت أوضاعه المادية  . كما عينه الحزب  مسؤولا على شؤون المساجين  السياسيين و المهاجرين .

 وينهي علي المعاوي الفصل السابع بالآشارة بكل اقتضاب إلى تذمرات بعض المواطنين من ممارسات  بعض قادة المقاومة المسلحة .

 

الفصل  الثامن  : الخلاف حول اتفاقيات الإستقلال الداخلي وموقفي منها 

 

  يقول علي المعاوي  في بداية هذا الفصل أن بعض الأطراف في قيادة الحزب  والغيورة على مصلحة الوطن   قد عملت  على أن  يعود  الزعيمان  الحبيب بورقيبة 

 و صالح  بن  يوسف إلى أرض  الوطن  في نفس اليوم . و لكن ذلك لم يتحقق .  فحل الأول  في 1جوان 1955 أما الثاني  فكان  حلوله بتاريخ  : 12سبتمبر 1955

 يقول علي المعاوي  بصفحة 570 : "........ في ضباب الأجواء التي  بدأت تعكر صفو الساحة  و المنبعث دخانها من الخلاف المحزن  الذي ظهر جليا  بين الزعيمين  بن يوسف و بوريبقة  , في وسائل الإعلام مشرقا و مغربا . و لم  تعد حقيقة هذا الخلاف خافية على أحد . و زاد استفحال  هذا  الخلاف  بعد دخول  ما يزيد  على المائة من الوطنيين  الذي كانوا  مهاجرين  في ليبيا  و مصر , و كلهم  بدون استثناء  ضد الاتفاقيات المنجزة مع السلط الاستعمارية . "

 و بصفحة  571 يضيف قائلا  : " .... إن الطيب المهيري  يقول  بأن صالح بن يوسف  - وهو مقيم بمصر أو  سويسرا - مصر على رأيه في حتمية رفض الاتفاقيات وتوحيد جبهة  الكفاح الوطني مع الجزائريين و المغاربة (أي على مستوى المغرب العربي كله )  حتى يتحقق النصر  للجميع . "

 و يعقب  المعاوي  على ذلك بالقول  : " من خلال أحاديث الطيب المهيري شعرت وكأن  الديوان السياسي  اصبح يتعامل  مع الزعيم صالح بن يوسف  و كأنه شخص غير مرغوب فيه . و كأن  مصير البلاد شأن لا يعنيه  .  "

" و قد دعا  الزعيم صالح بن  يوسف  إلى تنظيم ندوة   تبحث في محتوى  الاتفاقيات  المبرمة  مع  السلط الاستعمارية . و قد تم ذلك بتاريخ  16أوت 1955. "

 و يقول المعاوي  : " التأمت هذه الندوة الفكرية  بمقر مدرسة الجمعية  الخيرية  بحمام الأنف . و قد امها  جمهور غفير من داخل القاعة و خارجها . أما مداخلة الأخ  الطيب السحباني  فقد  كانت صريحة ,عما جاء في الاتفاقية .  إذ تحدث عن  الاتفاقية الأمنية  و الاتفاقية القضائية  و اتفاقية التعاون  الفني و  الاتفاقية الثقافية  التي قال في شأنها  "  إنها أسوأ الإتفاقيات  و أخطرها , و استشهد على موضوعيته في تحليل  محتوى هذه الإتفاقيات   بقراءة  بعض المقتطفات منها . " . الرجوع إلى ص574

 

عاد صالح بن يوسف إلى أرض الوطن  يوم 12 سبتمبر 1955. و كان علي المعاوي من ضمن المشرفين  على تنظيم  حفل الآستقبال . و في أول كلمة  ألقاها الزعيم صالح بن يوسف  للجمهور الذي جاء  لاستقباله  و بمحضر الزعيم  الحبيب بورقيبة  وأغلب زعماء الحركة الوطنية , جاء مايلي : "  إني أعتقد و تعتقدون جميعا  أن المجاهد الأكبر  لم يكن أبدا  من الذين يعتبرون  الاتفاقيات  و سيلة تسهل  الوصول إلى الهدف

الأسمى  بل هي عرقلة جديدة  في سبيل الحرية  و الاستقلال , و هي خطر  على كياننا و استقلالنا  . "  ص 584

 اما الزعيم  الحبيب بورقيبة  في نفس  هذا اللقاء بالجماهيرالشعبية فإنه يقول  : "إن هاته  الإتفاقيات  ليست مرحلة  نحو الهدف الأسمى  إنما هي  مرحلة خلصت  البلاد من الحكم الفرنسي المباشر , و هاته الخطوة لا تعرقل  سيرنا  ابدا  نحو  الاستقلال التام . و هاته الاتفاقيات  التي تقضي على  سلطة المراقبين  و تأشيرة المقيم العام . وتحرر مناطق بكاملها  كانت  تحت حكم السلط الاستعمارية " العودة إلى ص585

 و يقول المعاوي   أنه كان من ضمن الساعين  إلى التقريب  بين وجهتي نظر الزعيمين  في خصوص الاتفاقيات المبرمة  مع السلط  الاستعمارية .

 ثم يقول  بأن الزعيم صالح بن يوسف  دعا قادة المنضما ت  الوطنية الذين اجتمع بهم   في مقر سكناه اجتماعا مطولا  يوم الخميس 29سبتمبر 1955 و شرح  أمامهم رأيه  فيما تنطوي عليه  الاتفاقيات  من أخطار محدقة  بحاضر تونس و مستقبلها حسب رؤيته . و حملهم  مسؤولياتهم   عن ذلك أمام الله و التاريخ . و لئن طال هذا الآجتماع  فإنني لاأتذكر  بأن واحدا من الحاضرين  قد عارض الزعيم  في استنتاجه  و تخوفاته . لكنني أتذكر  بأن جلهم ألح على الحفاظ على وحدة  الشعب  والاحتكام إليه  و لو بمقابل  شيء من التنازل  في سبيل ذلك  . "

 وأورد الكاتب القرارالتالي : "  قررالديوان السياسي  للحزب الحرالدستوري التونسي  في جلسته  المنعقدة  مساء الثلاثاء  4 أكتوبر 1955 إيقاف  السيد علي المعاوي عن  كل عمل دستوري  . "

  يقول علي المعاوي : " بعد خطاب جامع الزيتونة  يوم  7 أكتوبر 1955 و الذي ألهب  به صالح بن يوسف  العواطف  الجياشة  للجماهير الشعبية  في خصوص الاتفاقيات المبرمة من  المستعمر الفرنسي , اجتمع الديوان السياسي  يوم 8 أكتوبر 1955 للنظر  فيما نشرته  الجرائد  عن ذلك الخطاب . بقي هذا الآجتماع مفتوحا  ليستأنف عمله  في عشية يوم غد . و اتخذ قراره الخطير  بتجريد  الزعيم صالح بن يوسف من منصب  الكتابة  العامة للحزب  ومن عضوية الحزب  , و يقرر عقد المؤتمر النظامي  يوم 15نوفمبر 1955. "

ثم يقول  : " بأن موضوع الخلاف  بين صالح بن يوسف  و الحبيب  بورقيبة  لم يغره  لتدوين كل مايعرفه  عن حقيقة  دوافعه  و بعض ملابساته . و من أراد التوسع  في ذلك  فعليه  الرجوع  إلى كتاب  " الوطن و الصمود " للمرحوم حبيب المولهي  الذي أفاض القول  في صميم  المأساة  التي عاشتها تونس  انذاك  و كان على معرفة دقيقة بخباياها . "

" لم يحضر صالح  بن يوسف مؤتمر صفاقس للحزب  الحر الدستوري التونسي .وبعد انقضاء هذا المؤتمر  تقرر  عقد اجتماع  عام  بملعب الشاذلي  زويتن  يوم 18 نوفمبر  1955 يشرف عليه  صالح بن يوسف . " و في اخر هذا الفصل  يقول الكاتب  : " .. وعلى الراغبين في التعرف  على تفاصيل         

ما جرى في هذه المرحلة من تاريخ تونس  أن يعودوا إلى ما كتبته الصحافة  في تلك الفترة . فإنه يتوفر على زاد من المعلومات  يحتاج إليها  كل مهتم  بتاريخ الحركة الوطنية و خاصة حول الفترة التي اختلطت فيها السبل  وهانت خلالها أسمى القيم  . "

 

 الفصل التاسع  :الآستقلال و لجان الرعاية  و المحاولة الآنقلابية 1961

 

افتتح الكاتب  هذا الفصل بالقول : "  ..... انتهى  مؤتمر صفاقس  في نظري  باكتساب نفس جديد  يتماشى مع دعوة المعارضة , حيث جاء في  اللائحة السياسية العامة  للمؤتمر  مطالبة  الحزب  بالحرص على استغلال امكانيات التوسع  في الاتفاقيات  نحو  الاستقلال التام  . و هذا من شأنه  ان يعتبر  قفزا على جميع مراحل  التأجيل التي  نصت عليها  اتفاقيات 3جوان 1955 . "

" و تحت ضغط المعارضة  اليوسفية  العنيفة  ضد الاتفاقيات  تغيرت أساليب الحكومة  تجاه المطالبة  بالآستقلال التام , الذي لم يرض الشعب بغيره بديلا . "

 و في وصف  الأوضاع  التي كانت عليها  البلاد  في فترة 1955  يقول على المعاوي  بصفحة 642 : "  ..,كان شهر  ديسمبر 1955   يطلى  فيه كل يوم باللون الأحمر  جراء مايتخلله  من المصادمات  و الاشتباكات  و تبادل العنف  الذي  استشرت ظاهرته  وانتشرت ممارسته حتى شوهت قيم التسامح  و الإخاء التي  كانت  في أعرق تقاليد هذا الشعب  الطيب الوديع . "

 ثم يواصل قائلا  : " ..... كان زعماؤنا  و هذه حالنا  يجوبون البلاد  شبرا شبرا  ويشرفون على عقد  الآجتماعات المائجة  الصاخبة . و جماهير الشعب المغررة  المحنطة  تجري في فلكهم  و من حولهم في كل مكان .......... اكفهرت  الأجواء  حتى  لم يعد  يرى المواطن المصدوم خلالها مكان انفه من وجهه ........... "

"على هذه المشاهدالمحزنة كانت تعيش البلاد من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب. "

ثم يواصل علي المعاوي قائلا  : " تشدد الخناق على  الزعيم صالح بن يوسف  و على أتباعه  من كل حدب و صوب  , حتى لم يبق  له مفر من الخروج  و اللجوء  إلى إحدى  بلدان الجوار  . فحزم  أكره  و اتخذ  سبيله  في متاهات الصحراء   ..... " ص644

كما أشارعلى المعاوي  إلى سلسلة المضايقات  التي تعرض لها  هو نفسه  بعد حصول تونس  على الاستقلال التام  , أي بعد 1956 .  و يقول : "  إننا مازلنا  في أمس الحاجة  إلى التحليل  الموضوعي و الصريح  للوقوف على الأسباب  الحقيقية التي حفت  بعديد  الأحداث الهامة  التي مرت بشعبنا  . "

  و من تلك الأحداث يشير إلى مأساة  بنزرت ( معركة بنزرت ) و هل يمكن تلافيها  بطرق بديلة تحقق للشعب  التونسي  الهدف المنشود ؟

 إن العدد الرسمي للشهداء  قد قارب 700 شهيدا  في ظرف  ثلاثة أيام . و كان أكثرهم  من المتطوعين الغيرالمدربين  على  حمل  السلاح  لخوض غمار  معركة  الشوارع مع الجيش  الفرنسي .

 يقول علي المعاوي  : "  لقد خلفت هذه المعركة الدمار الشامل بمدينة بنزرت  وأكواما من الجثث الممزقة  في كل الشوارع ...... و كانت طائرات الجيش الفرنسي  تمطر البلاد  و العباد  بقنابلها الفتاكة و المحرقة  .......... "

 أما الحوار  الذي دار بينه و بين زميل الدراسة  القديم  و رفيقه ببعض السجون  في   فترة  حركة التحرير الوطنية  السيد محمد بن الأمين (  والي  بنزرت  عند اندلاع المعركة في 19جويلية 1961)  فهو أكثر من معبر .   وحسب رواية الكاتب  فإن  السيد محمد بن الأمين   قال  و هما في احواز  جامع الزيتونة  : " إنني أشعر  بذنب في عنقي  إذ غررت  بتلك الحشود  من الاف المواطنين  الأبرياء  دافعا بهم لقمة سائغة  لتلك الوحوش الضارية  من العساكر الفرنسيين . و ذلك تطبيقا  للتعليمات التي جاءتني  من فوق  . "

كما اشار محمد بن  الأمين في هذا الحوار إلى  الممارسات  المقرفة  لبعض المندسين  في صفوف المتطوعين , جاءته أخبارهم  عن طريق  الطيب تقية  مندوب الديوان السياسي  للحزب ببنزرت .

 و قد توسع  علي المعاوي  كثيرا  في وصف حالته  النفسية  المتدهورة  حينما  بلغه  في ذلك  الظرف  خبر اغتيال  الزعيم صالح بن يوسف بألمانيا  . و في الحين  رجعت  به الذاكرة  إلى مراحل النضال  الوطني , و خاصة  سنة 1955 عندما أبرمت اتفاقية 3جوان1955  فانقسم زعماء الحركة الوطنية على شقين متناحرين , و منذ  ذلك الانشقاق  و هذه الجريمة  النكراء  متوقعة  في كل حين .

كما توسع الكاتب  في الحديث  عن المحاولة الانقلابية  التي تزعمها كل من  لزهر الشرائطي  و  عبد العزيز  العكرمي  سنة 1961.   و أفاض  القول  في عملية إيقافه وكيفية التحقيق معه بعد اتهامه بالمشاركة  في هذه المحاولة الانقلابية  . و قد أثنى في ذلك كثيرا على العم  الطاهر المقراني محافظ أمن الدولة – الذي سبق له أن أنقذه عام 1956 من السجن إثر  خروج الزعيم صالح  بن  يوسف  من البلاد  .  اما ممارسات  علي ورق  معه  في فترة التوقيف  والتحقيق معه  فهي  أكثر من قاسية ولا تنم عن حس إنساني  يتميز به ذلك الشخص .

عندما انتهى التحقيق  مع كل الموقوفين تم تجميعهم بثكنة القرجاني  , إذ لم  يعد الإختلاط  بينهم  ممنوعا .

  يقول علي المعاوي : " .... تعجبت  حينما رأيت  و جوها  لم أكن  أحسب بأنني سأراها هنا متورطة  في هذه القضية , و التي لم أكن أتصور  قبل اليوم و قبل الإحتكاك  بهذا الكم العجيب  من هؤلاء  المتهمين , مدى خطورتها  و اتساع رقعتها  . "ص721

ثم يواصل  : " ..... فور اطلاق سراحي  في سبتمبر  1963 و رجوعي إلى عائلتي  حرصت  على تفقد  ماكان في حوزتي  من وثائق مكتوبة  و مصورة  متبادلة                 بين مكتب المغرب العربي بالقاهرة  و الحزب بتونس , و بين الزعيم بورقيبة و  الأخ مبروك بن عبد الصمد  و من بعض المساجين السياسيين  بالسجن العسكري  بالقصبة  والسجن المدني  بتونس ............ و كان بعضها مؤتمنا عندي  من طرف المرحوم بن عبد الصمد . "

 " بعد اعتقالي  في اخر شهر ديسمبر 1962 رأت عائلتي  بدافع  الحذر والخوف أن تعمد إلى  اخفاء و ثائقي كلها  بطريقة ردمها  تحت رمال الحديقة  بعد جمعها  في صندوق  من الورق المقوى. و لما هموا  بإخراجها  بعد ثماني أشهر  من ردمها لأراها وجدوها عبارة عن كمشة  من الغبار الذي  لا يصلح  إلا سمادا  للأرض, فتضايقت  و تحسرت . و مازلت متالما على فقدان  تلك الوثائق الهامة جدا . "

و أشار المؤلف  في اخر هذا الفصل الأخير من الكتاب إلى فشل تجربة  التعاضد  في اخر  الستينيات   و التحولات  التي طرأت على الحزب  الحر الدستوري التونسي طيلة فترة السبعينيات  و النصف الأول من  الثمانينيات .

 أما عن  تحول السابع  من نوفمبر 1987 فإن علي المعاوي يقول : "  كنت في فجر يوم السبت  7/11/1987 اباشر عملي  في سوق الجملة  ببئر القصعة  كما ألفت  و لم يلفت نظري شيء غير عادي  كان يجري في البلاد , إلا تساؤلات  محتشمة  كانت تدور  بين بعض المنتجين حول وجود  تجمعات أمنية  غير مألوفة  شاهدوها في بعض  مفارق الطرق , حتى أتى الخبر اليقين  عن أسبابها  و دوافعها  بعد الإستماع  إلى الإذاعة التي بثت بلاغ الإطاحة  بالرئيس الحبيب بورقيبة   . " ص 766

واصل علي المعاوي  قائلا : "  ….. يوم السبت  14 نوفمبر  اقترح علي  الأخ عبد  الرحمان الزكراوي توجيه نداء  إلى قدماء المناضلين  للآلتحاق بحزبهم  الذي أبعدوا عنه قسرا وجورا  و الالتفاف حول رجال العهد  الجديد , فوجد  هذا  الاقتراح  من نفسي  قبولا حسنا . و حررت  البيان بعنوان  نداء  لرد الاعتبار  و لم الشمل . …… و كانت جريدة لابريس اول من نشره على صفحاتها  بتاريخ 20/11/1987   . "

 ثم يقول : "  و ضمن هذا الحيز  من حرية التعبير  الذي أفرزه  انبلاج  فجر العهد الجديد  أخذت تطفو  على السطح  قضية اغتيال  الزعيم صالح بن يوسف  بتصريح  لحرمه  المقيمة بالقاهرة  أفضت به  لجريدة الموقف  التي نشرته  في عددها الصادر  يو 17/12/1987مع بعض الصور , إلى جانب  مقال مطول  في الموضوع  في نفس 

 العدد و التاريخ  للمناضل  المرحوم  محمد الحبيب المولهي مع ذكرياته  مع الزعيم الشهيد  . "  

يقول المعاوي " ………. لما اخترت  تدوين مابان  لي من قبيل السلبيات التي اقدم  عليها الزعيم  الحبيب بورقيبة  البشر,  لم يكن رائدي – و الله يشهد -  التحامل  و لا التشويه  الحاقد  ضد رجل له عند الشعب  مكانته و شأنه , و قد كانت  تلك السلبيات متداولة  و معروفة  لدى الخاصة  و العامة …………… امل أن  أكون على هدى و بصيرة  إلى جانب  السادة المؤرخين  الأمناء  و الكتاب الملتزمين  النزهاء  الذين أرخوا  للزعيم  الحبيب بورقيبة  إيجابياته  بكل تجرد  و موضوعية و وفوا هذا الرجل  حقه الذي يستحق , بمنأى  عن إضافات التزلف  و النفاق  و بتعفف  نبيل  عن محاولات  دس الأباطيل  ليدحضوا  بها الحق . "

و في اخر الكتاب  يقول علي المعاوي  : " …. و إنني مدين  بالجميل  إلى سيادة  الرئيس زين العابدين بن علي  الرجل الذي  كان انبلاج  فجر عهده  السعيد  إيذانا  بميلاد جديد غنمت منه الاطمئنان و الأمن  و الأمان  و سعدت فيه  بالآستمتاع  باستنشاق  عبير المواطنة  و بعتق  إرادتي  من الأغلال  و جميع القيود . و ممتن كذلك  إلى جميع السادة  الذين تفضلوا  مشكورين  بمراجعة  هذه الذكريات  و الخواطر  و أمدوني بملاحظاتهم  البناءة  و المفيدة  و خاصة منهم الأساتذة  محمد لطفي الشايبي  و المرحوم  حمادي الساحلي  و الأستاذين  عميرة علية  الصغير  و الحبيب الجنحاني جزاهم  الله عني  جميعا  الجزاء الأوفى  و العزة للشعب و المجد  للوطن . "

 و بهذه الفقرة أنهى على المعاوي  كتابه  الذي احتوى  على 800 صفحة .        

                                                                عن هيئة جمعية المنهل الثقافي

                                                                   منزل عبد الرحمان

    جمعية المنهل الثقافي بمنزل عبد الرحمان

   تهتم  بتاريخ تونس الحديث 

   يندرج  تنظيم هذه الندوة  الفكرية حول كتاب " ذكريات و خواطر "  لعلي المعاوي ضمن سعي جمعية  المنهل  الثقافي  للاهتمام بتاريخ تونس الحديث .و قد سبق للجمعية  أن نظمت لقاءا  فكريا حول كتاب " عرق البرنوس " بتاريخ 9/1/2010, أثيرت خلاله  عدة  قضايا  فكرية  تهم  الإستعمار الفرنسي  لشمال افريقيا , و هل أن هذه  المرحلة الاستعمارية من تاريخ  تونس  قد درست بما فيه الكفاية وبكل عمق  من طرف  المؤرخين  التونسيين و غيرهم من الذين اهتموا  بالبلاد التونسية ؟

أما   لقاؤنا  اليوم (  السبت 27 فيفري2010) فهو يتعلق بكتاب" ذكريات وخواطر"

لشيخ  من شيوخ  المقا ومة التونسية في عهد الاستعمار الفرنسي  ,علي المعاوي . الكتاب من منشورات المعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية بتاريخ 2007 .ضمن سلسلة مذكرات( جامعة منوبة ). وهو يحتوي على 800 صفحة من الحجم المتوسط  ,  وتحتوي كل صفحة على 22 سطرا .

و الكتاب  هو محاولة من المؤلف  للتعريف  بتجربته السياسية  و الإجتماعية  خلال ما يقارب النصف قرن : من  1936 إلى 1988 . و لايمكن في هذا النوع من الكتابات  أن نفصل  التجربة الذاتية  عن  تجربة  جيل  بكامله  انتمى إليه المؤلف  .  ومن القضايا التي يمكن أن تثار في  ندوة فكرية  كهذه هو التساؤل   :  إلى أي حد يمكن اعتبار هذا النوع من الكتابات مساهمة جادة في التمهيد لكتابة تاريخ تونس الحديث , خاصة     تلك  التي  تتعلق  بتاريخ الحركة  الوطنية . إذن هل يمكن  اعتبار هذه النصوص     من التاريخ أم هي  أقرب  للأدب  منها  للتاريخ ؟  و إذا كانت تمزج  بين  الإثنين فعند أي حد  يقف فيها  التاريخ و يبدأ الأدب  . هذه اسئلة محيرة , و البت فيها يتم  بالاعتماد على القراءات المقارنة بين  شتى أنواع الترجمات الذاتية من نوع الكتاب  المبرمج  في هذا اللقاء . ولا تستقيم  القراءة المقارنة إلا  بتوفرشرط اخر وهو أن  تكون جميعها  تغطي نفس الفترة الزمنية  من تاريخ الحركة الوطنية . كما يمكن  الآستعانة في ذلك  بكم الوثائق الممكن الحصول عليها  من  مراكز البحث المهتمة بتاريخ الحركة الوطنية منذ البدايات الأولى للاستعمار الفرنسي لتونس  .

 و في هذا الصدد  نشير إلى ماذكره  حمادي  الساحلي  في مقدمة هذا الكتاب , إذ يقول  : "  لقد ظهرت في السنوات الأخيرة عدة مذكرات, ألفها  عدد من المناضلين  الوطنيين الأحياء منهم  و الأموات  أمثال محمود الماطري , سليمان بن سليمان  , الباهي الأدغم   , الحبيب عاشور  , الطاهر  بن الخوجة ,الرشيد إدريس, محمود بوعلي  و حامد الزغل .......... و ترمي أغلب هذه المذكرات  التي تندرج  في سياق 

                                              

التاريخ الشفوي  إلى إبراز  الدور الحقيقي  الذي قام به  أصحابها ضمن الحركة  الوطنية  بعد أن أهملته  الكتب التاريخية  السابقة او حرفته  قصدا أو بغير قصد . "

أما  عن كتاب المعاوي  فهو يقول  : " ...  لقد استمتعت بمطالعته  وهو لا يخرج  عن نطاق المذكرات  السياسية  المشار إليها  أعلاه . إذ هو يقدم لنا  شهادات اعتمادا على الذاكرة الحية  .... "

 و هنا  لابد  من الإشارة  إلى الاختلاف القائم  بين  اسلوب علي المعاوي  في مؤلفه "ذكريات  و خواطر"    و أسلوب  حامد الزغل   الذي اعتمده  في تأليف سيرته  الذاتية  الحاملة لعنوان  " جيل  الثورة  "  . يقول  هذا الأخير : " .... أربع سنوات قضيتها  في البحث عن الوثائق  و استقرائها  و مقارنتها  بما علق  في ذاكرتي  وذاكرة أصدقائي ............... و راجعت  في ذكرياتي  عددا من الرفاق  في المعهد الثانوي  و جمعية  الكشاف  المسلم التونسي  و اتحاد  العام لطلبة  تونس  و في الحزب الحر  الدستوري التونسي  . كما تصفحت  وثائق كثيرة  جمعها  المعهد الأعلى  لتاريخ الحركة الوطنية  و مركز التوثيق  الوطني والأرشيف الوطني و دار الكتب الوطنية  . "

 قام بكل ذلك حتى يتمكن من مقاربة الفترة التي عايشها بأكثر ما يمكن من الموضوعية.

و بعد أن توفرت  له كل هذه الشروط  شرع  في كتابة " جيل الثورة " . أما علي  المعاوي - و كماصرح  هو بذلك في عدة مقاطع من الكتاب  – فقد اعتمد على الذاكرة  فقط  في أغلب  ما  كتبه عن  سيرته الذاتية  المشا ر إليها انفا . 

وهل  يمكن القول من جراء  ذلك  أن  كتاب حامد الزغل  هو أكثر قرب من التاريخ    على عكس كتاب  علي المعاوي فإنه  أكثر قرب  من الأدب ؟

 و علي المعاوي نفسه أقر بذلك  في الصفحة 446 إذ يقول  : " ..... الحديث عن الوضع من جميع جوانبه  في هذه الفترة من  بدء معركة المصير  إلى نهايتها , ومحاولة توثيق  كل ماكان يجد  على الساحة مما يتصل بالقضية  في الداخل والخارج هو عمل جليل  و هام , يتجاوز في الحقيقة  مقدرتي و كفاءتي  المحدودتين . وهو من مهام المؤرخين  الذين يتبوؤن منزلة الاقتدار والكفاءة  والاختصاص  للاضطلاع بأداء هذه المهمة  أحسن أداء  .................. و قد كنت  حذرا شديد الحذر في كل ماسبق أن كتبت , و كنت في غياب الوثائق  اعتمد على روايات بعض شيوخ  حركة  المقاومة الوطنية  و البعض  من أساتذة  المعهد الأعلى لتاريخ الحركة الوطنية كمراجع مأمونة  للتأكد  و التأكيد  . "  

المشكل  سوف يبقى مطروحا  باستمرارمهما توسع البحث فيه وتعمق .فهو مفتوح      على كل  الآحتمالات , و فرضيات  العمل فيه متنوعة  بتنوع الوثائق  المتوفرة    والمكونات الثقافية  و الفكرية  للباحثين فيه .إن المتعة ليست في التوصل إلى إيجاد   حل نهائي  لهذه الإشكالية  بل إن الأهم من ذلك هو الآستمرارية في البحث و القفز من إشكالية إلى أخرى. فلو تمكن  المؤرخون من حل كل الإشكاليات  التي تطرحها عليهم  الأحداث التاريخية والخطابات المقترنة بها لما أصبح  لوجودهم  أي مبرر .  فإذا  كانت  القضية  موجودة  فمرحبا  بها , و لا بد من التنعم  بالبحث  فيها . أما إذا لم تكن موجودة فلا بد من خلقها لضمان مبررات  وجودنا . و لعل هذا  الهاجس  ليس خاصا  بالمؤرخين  بل  هو قاسم  مشترك  بن كل المبدعين و في جميع المجالات المعرفية  .

 و هناك  جانب اخر أشار  إليه  علي المعاوي  باقتضاب  شديد  هو نوعية  الأناشيد الوطنية  التي كان  يرددها  الشباب التونسي  في فترة الحركة الوطنية . و قد أورد  كنموذج لذلك  النشيد  الذي ألفه  محمد عروسي  المطوي  خصيصا   للشبيبة الدستورية بمنزل جميل  في فترة الأربعينيات , و نور د منه فيما يلي   بعض الأبيات.                                 

 

نلبي النداء  نداء الوطن         و نصدع  بالحق  رغم المحن

و نهفو إليه بأرواحنـــا          و نفدي البلاد بأغلى ثمـــــن

 ونسعى نحقق  امالنـــا         دراكا دراكا  بدون وهـــــــن 

                     سراعا تباعا كسير الزمن

حملنا اللواء لواء الجهاد          لنيل الأماني  و كسب العلى

ورمنا النهوض نهوض           البلادنكسر قيدالضنى و البلى

متى الشعب يوما أراداالجلاد      يجد في الشباب حماءالوطن 

                    و ذخر الثبات و نار  الفتن

 و قد قمنا من ناحيتنا ببحث ميداني  على مستوى منزل  عبد الرحمان  في خصوص  الأناشيد  الوطنية  التي كان يرددها الأطفال والشباب  في  فترة الكفاح الوطني  فعثرنا  على كراس  يحتوي  على  البعض  من هذه الأناشيد  الوطنية, أمدنا به الأستاذ مكي بن حاج سالم  مشكورا.  وقد اعتمدت  تلك الأناشيد الوطنية كوسيلة ناجعة لتوعية  الشباب  انذاك  بمدى أهمية  الدفاع عن  الوطن  و التضحية  من أجله  مهما كان الثمن  غاليا . وسوف نورد  بعض المقتطفات   من  هذه الأناشيد  التي ساهمت  بطريقة  سلسلة  في بناء وعي الأطفال والشباب و تمكينهم من القدرة على تصور حقيقي لأبعاد الأحداث  التي كانت  تهز البلاد  من شمالها  إلى جنوبها .  كما مكنتهم من التفاعل مع ما كان يهز الوطن العربي شرقا و غربا من أحداث جسام  .       

 

  النشيد الأول  : ياضلال الاستعمار     قف لا تلعب بالنار

                     نحن شبان أحرار      قد خلقنا  للجــهاد

 

                                                   

النشيد الثاني :  ياشبابا  قد تساما      نحو إدراك المعالي

                    كسرالقيد  وسارع      باتحــاد للنضـــــال

النشيد الثالث : قد خلقنا  لكـــــفاح      لا لجبن و سكـوت

                 فعلى الإخلاص نحيــا     وعلى الحق نمــوت

                 نحن جند لبـــــــــــلاد     أنجبت كم من أسود

                 فلندافع عن تـــــراث       ضم أشلاء الجـدود

النشيد الرابع  :

    بني الخضراء ياأسد الشري   إلى المجد هبوا لنحمي العرين

        ونادوا  بصوت  يهز الورى     لتحيا بلادي  و شعبي الأمين

        إلى الإتحاد جنــــــود العمل      أجيبوا  المنادي  بدون وجل

        و مدوا السواعد  كل الكتل       وفكواالحقوق من الغاصبين

        ألا في الحياة نضال  شديد      و نيل الرغائب غير بعــــــيد

النشيد الرابع :

              نحن الشباب  لنا الغد       ومجده المخلد,نحن الشبــــاب

              شعارنا على الــــزمن       عاش الوطن  عاش الوطـــــن 

             الدين في قلوبـــــــــــنا       والنور في عيـــــــونــــــــــــنا

             والحق في يمينـــــــنا         والغار في جبيننا نحن الشباب

             لنا العراق  و الشـــام         ومصر  و البيت الحـــــــــرام

             نمشي  على  الموت          الزؤام إلى الأمام  إلى الأمــام

النشيد  الخامس

            إلى الأمام  إلى الأمام         يابني القطر الكرام

           واصلوا  السعي بجد          و نظام  و وئـــــام

 هذه مقتطفات موجزة من مجموعة الأناشيد الوطنية  التي كان يرددها أطفال  منزل عبد الرحمان  و شبابها  في فترة الأربعينيات  و الخمسينيات  من القرن العشرين .

                                                  عن هيئة جمعية  المنهل الثقافي 

                                                          بمنزل عبد الرحمان

ناس مروا
الأمير بوكلير موسكاو
الشيخ بن موسى
الفيلسوف محجوب بن ميلاد
المناضل علي المعاوي
المناضل محجوب بن علي
المناضل الحبيب طليبة
الدكتور عبد الله صوله
الأستاذ المنجي الشملي
الشّاعر محجوب العياري
الشاعر نجيب بن علي

الصفحة السابقة

طبع الصفحة

الصفحة الرئيسية | صور | غابة الرمال | الفضاء | التاريخ | من أنا؟ | عائلتي | عائلات منزل جميل | المعالم الدينية | أمثال و أقوال | المنظمات و الجمعيات | المؤسسات | الثقافة و الفنون | ناس مروا | المتحف | راسلونا

Copyright 2012©2015 leplacartuel.com